بودكاست

قصة قصيرة عقم للكاتب يوسف الفاران

قصة قصيرة/ عقم؛ للكاتب يوسف الفاران

عقم....

صرت أفضّل العزلة على مجالسة الأصدقاء، أو فتح مواضيع مطولة مع جارنا الكهل كما كنت أفعل دائما، فلم أعد راغباً بالحديث مع أحد، شعرت أنني قد وضعت نفسي في دائرة وأغلقت عليَّ، كنت ألجأ لهذه الحالة كلما هممت بكتابة قصيدة جديدة، كان مخاض الأفكار يعتصر مخيلتي، أشعر أنني أريد أن أخرج مني، فلم أعد أرغب بالكتابة عن امرأة أعرفها، أو التعبير عن حالة اجتماعية مفرطة، أو التحدث عن مجاعات الصومال.

جلست في مكتبي أبحث عن أي شيء ينتشلني من حالة الضياع التي أعيشها، شعرت بخدر في مؤخرة رأسي، تسلل إليَّ الخوف دون سبب، توغلت في المطبخ أنشد فنجان قهوة يصلح مزاجي العاجز، استعنت بسيجارة لتنفث بقايا أنفاسي المتعبة، اجلس في مكتبي أفكر في عمق في كبد الأشياء اتوغل داخل أعماق تفكيري انظر الى خلفي أخاف ان لا ارجع الى الأبد فالمكان موحش وحزين يزداد معي الخوف كلما تعمقت في افكاري وتوغلت فيها أكثر يزداد المكان ضيقا ويضيق صدري اشعر بذبذبات كهربائية في مؤخرة رأسي أستمر في التوغل في فكرة تفاصيل الأشياء الدقيقة ماذا بعد نهاية النهاية او ما هو الأبد يتصبب جبيني عرقا اقرر فجأة الرجوع، وانا غير متأكد من عودتي!

 هجرت الطاولة والفوضى التي أحدثتها، فخرجت من المنزل أنشد الترويح عن نفسي المتعبة.

كانت الشوارع شبه خالية فقد أشرف الوقت على انتصاف الليل، عدت لمنزلي بعد أن شعرت بالنعاس يتملكني، تدثرت بلحافي الأزرق المفضل.

للحظة شعرت أن النوم قد هجرني، تقلبت في فراشي كعاشق تركته حبيبته وتزوجت بآخر، نهضت من جديد أبحث عن فكرة ترافقني حتى الصباح، تمنيت في داخلي لو أن الأفكار كالنساء لا تتعمق بها وتبقى معك كلما أخلصت لها، وتهجرك إن بانت علامات الخيانة في ملامحك؛ لكننا نحن الشعراء والكتاب خائنون للفكرة إذ لا نكتفي بفكرة واحدة أو مجموعة أفكار ونتخلى عما نقتنع به ببيت شعر أو بيتين، اريد ان أخونني أريد أن أخون رأسي! لم أدرِ إلا والنوم قد عاد إليَّ من جديد فلم أرغب بتخييب ظنه فاستسلمت له على عجل، في الصباح استيقظت على صوت هاتفي يرن، أخي يسألني عن القصيدة التي وعدته بها منذ شهرين.

تمت..


للكاتب: يوسف الفاران